هكذا عبدت وزارة الصيد الطريق أمام لوبي زيت ودقيق السمك (لكوانو) لإستنزاف مصيدة السردين (c)
الـداخـلـة نيــوز:
لاشك أن مصيدة السردين الجنوبية، تمر اليوم من مرحلة صعبة ومصيرية، قد تعصف بمستقبل وإقتصاد المنطقة الجنوبية، في سيناريو شبيه بأزمتي أسفي وطانطان.
فالمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، رصد في تقريره تراجعاً مخيفاً على مستوى هذه المصيدة الجنوبية، بسبب مجموعة من المعطيات، أبرزها الصيد غير القانوني وتنامي ظاهرة التهريب، لكن المعهد تغافل في تقريره عن عوامل تدبير المصيدة ومخططات الوزارة وفي مقدمتها استراتيجية “اليوتيس”.
الداخلة نيــوز، وفي إطار حرصها على البحث عن المعطيات والوقائع الدقيقة، اكتشفت أن أحد العوامل الرئيسية في التراجع المُخيف لهذه المصيدة يعود بالأساس إلى تنامي تجارة “دقيق السمك”، وتنافس لوبيات الصيد على العائدات المالية، التي أصبحت تذرها هذه التجارة، ولو كان ذلك على حساب الثروة السمكية.
المعطيات الميدانية، تبين بوضوح كبير أن مجموعة من أرباب سفن الصيد بالمياه المبردة بالداخلة، حولوا نسبة 80% من حصص سفنهم المتعلقة بالأسماك السطحية والمسجلة في رخصة الصيد، إلى دقيق السمك “لكونوا”، فعلى سبيل المثال لا الحصر وصلت أثمنة سمك ‘لكوانو’ إلى 3.50 درهم للكيلوغرام الواحد، أما أثمنة بيع الزيت المُستخلص من لكوانو، تضاعفت 6 مرات، وهو ما أسال لعاب أرباب مصانع السمك للعبث بالثروة السمكية.
إدارة الصيد البحري، يبدو أنها غير قادرة على مراقبة ووقف تنامي تجارة دقيق السمك، لكن وزارة الوصية على القطاع، قد تكون متورطة بشكل أو آخر في تفشي هذه الظاهرة..
كيف ذلك سيتساءل البعض..؟؟
والجواب أن وزارة الصيد البحري، لم تُراعي منذ اليوم الأول حجم وعدد الآلات المسموح بها لصناعة الدقيق وعصر الزيت داخل الوحدات الصناعية، مقارنة مع نسبة 10% المسموح بتحويلها إلى دقيق سمك ‘كوانو’ من مخلفات الأسماك، ما ساعد أرباب هذه المصانع على إقتناء وبشكل غير محدود آلات لتحويل المصطادة من السردين إلى دقيق السمك، دون إحترام الوحدات الصناعية لدفتر التحملات الذي يراعي إستعمال مخلفات السردين “شكامة” أو السردين الذي تعرض للتلف في صناعة دقيق السمك.
معطيات أخرى خطيرة، كشف عنها أحد مهنيي القطاع للداخلة نيــوز، قال فيها بأن أرباب سفن الصيد بالمياه المبردة، يتعمدون معالجة 30 طن من السردين المصطاد بـحوالي 4 طن من مادة الثلج فقط، بالإضافة إلى توصيات يتلقاها ربابنة السفن بشفط الماء عن المصطادات، والعودة بشكل بطيء بالسفن إلى الميناء حتى يتحول السردين إلى ‘كوانو’، في استنزاف واضح بالثروة السمكية وتحايل مفضوح على سلطات المراقبة.
الوحدات والمصانع المختصة بتجميد الأسماك السطحية بالداخلة، تحولت ولأسباب نجهلها وبطرق قد تكون ملتوية، إلى مصانع لإنتاج دقيق السمك، مع الطلب المتزايد عليه من طرف وحدات تربية الأحياء المائية، بشمال أوروبا واستغلال الزيوت المشبعة بالــ”أوميكا3″ لأغراض متعددة، ليبدأ مسلسل التحايل من طرف أرباب هاته المعامل وبتواطؤ مع بعض مجهزي مراكب وسفن الصيد لتحويل كل الكميات المصطادة من السردين إلى دقيق، ما أدى بدوره إلى تدهور مصيدة السردين، وسط محاولة لإرجاع ذلك إلى العوامل المناخية.
هذا الوضع الخطير، يُظهر غياب المسؤولية والغيرة على مدخرات البلاد والعباد عند “أرباب الريع” وتحديهم لوزارة الصيد البحري، ولبرامج التثمين والإستدامة في الإستغلال الذي تنظمه إستراتيجية ‘اليوتيس’، ما يتطلب معه تدخل أعلى سلطة في البلاد للحفاظ على الثروة السمكية قبل فوات الأوان.