الـداخـلـة نيــوز:
لم تمضِ سنة على أزمة المصيدة الجنوبية للأخطبوط، وتبعيات ذلك على الوضع الإجتماعي والركود الإقتصادي الذي عانت منه الأقاليم الجنوبية عموما والداخلة على وجه الخصوص، حتى أطلت اليوم علينا أزمة أخرى تتعلق بمصيدة السردين، والتي تُعد أكثر خطورة من سابقتها لما لها وما عليها.
وزارة “الوقت بدل الضائع”، وكما هي عادتها، دعت إلى إجتماع طارئ للمتدخلين والمعنيين بالموضوع، وبحضور ممثلي المعهد الوطني للصيد البحري، من أجل تدارس وتدارك مافات، لإيجاد حلول توقف مسلسل الإستهتار والإستنزاف الذي تتعرض له الأسماك السطحية بالجنوب، رُغم أنه كان بإمكانها مسك زمام الأمور قبل وقوع “الكارثة”.
فقبل الغوص في الحلول الممكن إتخاذها لحماية مخزون الأسماك السطحية، فلا يمكن لأحد التشكيك بأن ظاهرة الصيد غير القانوني وغير المصرح به، هو السبب الرئيسي في الوضع الحالي، دون استحضار الجانب العلمي والذي يعتبر عامل أقل تأثيرا من سابقه كما هو شأن لمصيدة الأخطبوط.
فكيف لوزارة الصيد، أن تتساءل عن سبب التراجع، وهي ترى وتشاهد الفوضى والعشوائية وتنامي ظواهر الصيد الغير قانوني، والغير منظم، والغير مصرح به، والتواطئ المفضوح لأجهزة المراقبة عند بوابات الموانئ الجنوبية مع لوبيات الإستنزاف و”لكوانو”، كما سبق أن أشرنا في مواضيع ومقالات سابقة…؟؟
لماذا وزارة الصيد، حين كانت تُشاهد الموانئ الجنوبية، تنعم بالأمس بمفرغات قياسية، لم يُعد بإمكان الوحدات الصناعية، استيعابها أن تفرض تناوب أو حصة يومية على سفن ومراكب الصيد البحري، بل ظلت تتفرج على مجموعة من المراكب السردين، وهي تتخلى على كميات هائلة في البحر REJET EN MER في الوقت الذي كانت قد حصلت على حمولتها الإعتيادية…؟؟
هل يخفى على وزارة الصيد البحري، أن مجموعة من لوبيات صناعة دقيق السمك بكل من الداخلة والعيون، قامو بطرق ملتوية وغير قانونية، بتحويل بين 30% إلى 60% من مجموع حصص بواخر صيد السمك السطحي المسجلة في رخصة الصيد والمسموح لها بصيدها إلي دقيق السمك، أو ما يصطلح عليه عند أهل القطاع بـ”لكونوا”. أليس بالله عليكم هذا هو عين الإستنزاف..؟؟
ولكي نكون واضحين، فعلى وزارة الصيد قبل البحث عن حلول لهذا المشكل، أن تُعالج حالة “الإنقسام والإصطفاف” الذي تُعاني هي منه أصلاً، حتى يتسنى لها إتخاذ قرارات وإنزال عقوبات رادعة بعيدا عن مبدأ “باك صاحبي”، أو التغاضي عن أي طرف كيفما كان تياره وانتماءه السياسي أو العائلي.
من الجانب العلمي، لابد من ترشيد واستغلال مسؤول للمخزون السمكي، يرتكز على مقاربة علمية وتشاركية أهمها الراحة البيولوجية، وأن لا تقتصر على شهر فقط، كما هو معمول حاليا، بل أن تصل إلى 3 أشهر على الأقل في السنة، ومُدة أطول حاليا حتى تتعافى المصيدة، كما جرى مع مصيدة الأخطبوط.
فاعلون مهنيون، شددوا لحل لهذه الأزمة، على ضرورة مراجعة الكوطا السنوية للمصطادات وتسقيف حجمها السنوي، مستحضرين عامل أخر متمثل في تباين مستوى الإستغلال بين مراكب السردين وسفن RSW، ومطالبين بحلول بديلة لشباك الجر التي تستعملها هذه السفن والتي لا تُبقي ولا تذر كما يعي القاصي والداني.
العُنصر البشري، سواء البحار أو الأطر والمراقبين عامل آخر ينضاف إلى أزمة مصيدة السردين، فكيف يُعقل أن يتم منح راتب هزيل للأطر والمستخدمين الموكول لهم عملية المراقبة لا يتجاوز 2500 درهم، كيف لهم أن يقاوموا إغراءات لوبيات الصيد غير القانوني والذين يستعملون جزء بسيط من الأموال المُتحصل عليها من هذه العمليات في شراء صمت هؤلاء وغيرهم.
الوزارة وكل المتدخلين في القطاع، عليهم اليوم الوقوف وقفة رجل واحد لإنقاذ مصيدة السردين وإستحضار الإنعكاسات والأثار المتعددة لهذه الازمة من مختلف النواحي الإقتصادية والبيئية، وكذلك الإجتماعية، والعمل على تطبيق حازم للقوانين بكل جرأة لمعالجة العيوب وإتخاذ القرار للقضاء على الشوائب والممارسات التي لا تسمح بتعافي المصيدة.

