الداخلة نيوز: لحسن حمدات
و أخيرا انتهت الإنتخابات الجماعية خصوصا بالجهات الصحراوية الثلاث وسط عزوف كبير للسكان ، ولم يقع أي تغيير يذكر ،وكأن السكان غير مبالون بالإنتخابات المحلية،أو غير راضون على طريقة التدبير بالمنطقة الصحراوية، أو مغلوب على أمرهم أو متأكدون أن ليس بإستطاعتهم تقويم الإعوجاج ولا تغيير أي شيء أو أو أو ،
فهذه المحطة الديمقراطية أتت في ظروف حساسة جدا كالدستور الجديد للمملكة والقانون التنظيمي للجهة14-111 ، علاوة على إعلان وإلتزام الدولة الحياد ، ثم التقطيع الترابي الجديد للجهات ، ناهيك عن رياح الربيع العربي التي عصفت ببعض الأنظمة السياسية العربية،
ورغم هذه السياقات المهمة طفت على السطح ظواهر مقيتة ومقززة لم تكن في الحسبان ، ولم تعرفها المنطقة من قبل ولم تعرفها أيضا حتى قواعد الديمقراطية ولا أبجديات الحريات العامة والتعبير الحر في المجتمعات الحضارية المعاصرة ،بل تعتبر هذه الظواهر اللأخلاقية جرائم للحق العام ، مثل إعطاء شيك على بياض كضمان خوفا من الذهاب إلى الخصم في حالة النجاح ،وإستخدام النفوذ والسلطة كإعطاء رخص البناء أو رخص السياقة لسيارة الأجرة ، إضافة إلى شراء الذمم بدراهم معدودة ، أو أخذ الوعود بالتعيين في مناصب عليا ، أو أسلوب إحتجاز المصوتين خاصة المستشارين الجماعيين،أو توزيع البقع أو تبذير أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في غير هدفها التي إنطلقت في 2005 لمحاربة الفقر والهشاشة وفك العزلة ، ولم تأتي لهدف آخر شخصي مزاجي،،،،وما يحز في النفس هو غياب برامج حزبية جهوية حقيقية لإزدهار المنطقة وتنميتها.
فقبيل بدء الحملة الإنتخابية عكف المترشحون على إعداد اللوائح الإنتخابية فمنهم من ركز على الحالة المدنية وحدها ، ومنهم من إكتفى بالقبيلة الواحدة ككتلة إنتخابية ومنهم من إستعان بمجموعة من القبائل والعشائر ،وآخرون ذهبوا إلى أصحاب المال والجاه والمصالح ،مع تلوين وتزويق وتلميع اللوائح ببعض الشباب والنساء ، ينضاف إلى هذا وذاك طريقة سير الحملة الإنتخابية التي مرت في أجواء من الإحتقان ومن الشوفينية والكراهية للآخر، كما رافقتها بلطجية وشبيحة تحمل السيوف والخناجر وكأننا في مسلسلات بوليسية ، فأمام هذا الوضع غير الصحي لم يلمس المواطن البسيط أي تغيير ينم على الوعي السياسي والمنافسة الشريفة والنزيهة ، بل فضل الركون في بيته والعزوف عن الإقتراع،لأنه يعلم علم اليقين أن الديمقراطية لعبة يجب أن تمر في أجواء نظيفة وطاهرة تحترم البرامج والخصوم بعيدا عن ما ذكرنا،
فالكل يتساءل عن من هو المسؤول عن هذا الوضع المتخلف والحالة البئيسة؟
فالمسؤولية الجسيمة نتقاسمها جميعا دون إستثناء، فالشق الكبير منها تتحمله الأحزاب السياسية كهيئات دستورية وظيفتها تأطير المواطنين وتوعيتهم وهذا لم يحصل قط ، إضافة إلى وضعها المميع والخجول داخل المشهد والخريطة السياسية ، زد على ذلك طريقة توزيع التزكيات التي لا تتم بمعايير ديمقراطية سليمة في بعض الأحزاب ، فتتحكم فيها الذاتية والعصبية والمحسوبية والرشوة .. والمسؤولية الأخلاقية والقانونية عن هذه الأساليب والسلوكات اللاسوية تقع كذلك على عاتق وكلاء اللوائح الإنتخابية والمفتشين الجهويين ، الذين لم يسهموا في ضبط سير الحملات الإنتخابية في جو من التحريض والتعصب ، كما أن الكثير من المترشحين لم يطلعوا على القانون التنظيمي للجهة ولايعرفون حتى سلطات رئيس الجهة أو رئيس المجلس البلدي أو الإقليمي أو القروي وحدودها، فما بالك بالمواطن الأمي البسيط ، والشق الأكبر من المسؤولية تتحمل وزره الدولة لأنها رأت كيف مرت الإنتخابات الجماعية وما صاحبها من تزوير وإبتزاز ولي الذراع وفوضى عارمة ، وإختطاف وحجز وأساليب قذرة يندى لها الجبين ، ويعاقب عليها القانون الجنائي وإلتزمت الصمت ، ولم تحرك ساكنا ، وبقي دور المواطن أكبر والمجتمع المدني إن كان موجودا أصلا والإعلام النزيه والمحايد لما له من دور في كشف الخروقات والتجاوزات .
فهذه العوامل والظروف التي أسلفنا وغيرها ساهمت بشكل أو بآخر في بقاء الوضع على ماهو عليه من قبل ، وعدم تجديد النخب السياسية الماسكين بتدبير الشأن المحلي ،فالسكان المحليون علقوا آمالا كثيرة وكبيرة على هذه اللحظة الديمقراطية لكن ليست بيدهم حيلة ولا قوة ،فنقول في الأخير ” تمخض الجبل فولد فأرا“
فالسؤال المحير هو إلى متى سيبقى هذا الوضع اللا ديمقراطي بهذا المستوى الردئ؟
وأي دور للمجتمع والضمائر الحية في التغيير نحو الأفضل؟
وهل للساكنة المحلية دور فعال في مراقبة وتنفيذ وتقييم السياسات التنموية من داخل المجالس المنتخبة؟



