جراح الصحراء، وطاعون أغلاط الدولة

الداخلة نيوز: محمد سالم الزاوي

هذا زمن دخل فيه الميسورون من سنوات الريع عالم السياسة وصار للطاعنين في النهب من شيوخ المال مكان في كراسي المسؤولية. متراصين خلف أصوار السلطة والنفوذ حيث يتسلق مترفوا اعوام الحرب على حقوق العباد وتنمية المنطقة لضرب ما تبقى من معقول للمغرب في ملف الصحراء.

حالة أناركية تتعدد فيها صور الفساد ويعيش معها المواطن يأس الإنتظار ليغيب الموت وجوها تأبى الزحزحة عن طريق مستقبله. هذا الوضع وسمت به الداخلة منذ تقلد زعامة بلديتها رجل يحمل أسفاره ليزايد بمستقبل جهة بأكملها عند أقرب صراف، عونه في ذلك جماعة من “الشلاهبية” تبيع تبر الأوهام مقابل تدبير “الولائم: كلما سمحت الفرصة بذلك ليبرروا تواجدهم المتملق كما هي العادة.

ولعل الباحث عن اخطاء الدولة في الصحراء لا يحتاج لمحللين سياسيين ولا لأي “صداع رأس”  كيف ما كان نوعه. فالداخلة تختزل جزءا يسيرا من تلك الأخطاء الكارثية وتفسرها خرجات شيخ البلدية الذي صنعته الدولة في قالب من الفضة ظنا منها أن لأمثاله الفلج يوم المأزق الأعظم في ملف الصحراء. فما كاد الوضع يتأزم مع خرجة بان كي مون الأخيرة حتى دفن هؤلاء رؤوسهم في التراب وتنوع نباحهم بحثا عن موضع كعكعة لبلعها فترى مما ترى “تصريح رئيس مجلس إقليم نجران” وترى ما دون ذلك من مخارج التفاهات التي لا تسمن ولا تغني البلاد من ضربات الخارج ولا أزمات الداخل.

مشهد الداخلة يلخص الوضع ببساطة لأن بها عجزة غلاظا شدادا لا يخشون في القانون لومة لائم لغياب المحاسبة منذ رفع العلم المغربي على الصحراء والى اليوم. فمتى سمعنا عن لص للمال العام أزهقت حريته في السجن أو دفع مسروقات المواطنين التي نهبها بهذه الربوع الخارجة عن طور الدولة وقوانينها أو أحد مسؤوليها أخذته نخوة العرب فقدم إستقالته لرفع معدل الصبيب الخدماتي وإعطاء صورة حية للمسؤولية الميتة . بالداخلة وحدها تجد الكل يعيش في كنف الدولة ويتخاطب بإسمها وله في سلطتها العميقة مآرب أخرى. فلا تجد رادا أو مفنذا لهذا الإفتراء من جهة عليا أو دنيا كمن قالت يوما “أن القصر بعثها رحمة للمواطنين”.

بالداخلة .!! نعم ومثل من أرسله المخزن رحمة لبنما . مشاهد تتكرر تكرار شهور السنة والغاية فيها تبرر الوسيلة. إنها المكيافلية في أبهى صورها أين يتجند فريق “اللصوصية” بأوراش الولائم الكبرى ليبرروا الإستغناء الفاحش بإسم خدمة القضايا الوطنية. فإذا أتتك قافلة “كرانس مونتانا” فأنتظر قافلة “العرب” ويوم تشتد الأمور على بلادنا في ملف الصحراء فأنتظر قوافل “العجم” و “الجرب” فتنوع المسميات حاصل وكل الطرق تؤدي الى هلاك المال العام.

المغرب يستثمر منذ سنوات في تسمين وتعليف أبقار الريع التي صارت تشكل دولة داخل الدولة. وتبيع الولاءات من أجل زيادة نفوذها وتحصين نفسها من أي موجة حسابات قد تعصف بها في المستقبل. ولعل ذلك ما يجعل قضية الصحراء تراوح مكانها وتبعث ثغرات الإنتهاكات المغربية من جديد كلما تم إقبارها بقوة المشاريع والأوراش التي يطلقها الملك هنا. أما الولاة فهم من يلعب دور إبن نوح بالمنطقة وضريبة ذلك تدفعه الدولة مضاعفا. فالولاة ظلوا ذئابا جائعة يتم إطلاقها من كراج وزارة الداخلية لتعيث في الصحراء فسادا بعيدا عن أي رقابة أو محاسبة. فأتت جرائمهم بالداخلة على البقع وبطائق الإنعاش والسمسرة من أسفل الطاولة. ولكي يكتمل المشهد سيغادر الوالي “اللص” الداخلة مكرما بمنصب أرفع من سابقه، أو يأخذ معاشا مريحا .فاليوم لصوصية ولا حساب وغدا تشريف وأحتساب.

إنها سياسة المخزن كما دأب أهل الصحراء على وصفها كلما أبتلوا بفاجعة من فجائعها. ولعل عدم معالجة تلك الفجائع سيظل يعيدنا لدوامة أبريل في كل مرة. فما معنى أن يفتح دكان السمسرة هذه الأيام على مصراعيه وتباع أقدار الناس وأرزاق الجياع بإسم المهرجانات والمنتديات تارة وبإسم قسمة “الولاة” تارة أخرى. وما الذي يعنيه تعطيل أهم ركيزة تنموية وهي ربط المسؤولية بالمحاسبة. على الأقل كما هو الحال في مدن الشمال المغربي ولو بالشكل النسبي، وذلك أضعف الإيمان.

إن ما تعيشه الصحراء عموما والداخلة خصوصا من عبثية ممزوجة بغباء بعض المسؤولين الذين يبيعون “ببوش” التنمية الكاذبة للصحراء والصحراويين. فالدولة حين كانت تستثمر في الإنسان الصحراوي وجدت فيه المؤمن على سياساتها بالمنطقة. واليوم بعد أن باتت الأرض أهم من أصحابها فالأكيد أن الشر كله سيأتي من الصحراء.

وهو شر يعيش على ري المقاربة الأمنية المتوحشة التي تطال حتى المقاربة الحقوقية التي كلما حاولت أن تبزغ نجمها أفل على أعتاب “زرواطة” البوليس. ولنا في صفعة المرأة الصحراوية بالعيون قبل أيام أكبر دليل. فالدولة التي تدافع عن نفسها وتبرر مواقفها أمام المنتظم الدولي تجد على النقيض من ذلك موظفين تابعين لها يبعثون صورا مشوهة عنها وعن هذا القمع الذي طالما كان بهتانا في عقيدة آلة المخزن الإعلامية .

ختاما يبقى الحل بالصحراء بيد الدولة وأجهزتها ومؤسساتها لأن غياب أي مساءلة أو محاسبة يجعل قافلة الفساد تسير ونباح الغالبية من أبناء الصحراء يتحطم على سنداد غياب الإرادة في فتح جروح الدولة بالملف ومداواتها من ندبات 40 سنة من تعليف الريع ومعاداة بواطن الصحروايين.

شاهد أيضا